الخليج مول
اهلا عزيزى الزائر
مرحبا بك فى منتدى عالم التسويق والتجارة والاعمال
ارجو التسجيل فى الموقع لتحظى بكل خداماتنا المتطورة
ونحظى نحن باكتساب صديق جديد للموقع
لاتتردد فى التسجيل
الخليج مول
اهلا عزيزى الزائر
مرحبا بك فى منتدى عالم التسويق والتجارة والاعمال
ارجو التسجيل فى الموقع لتحظى بكل خداماتنا المتطورة
ونحظى نحن باكتساب صديق جديد للموقع
لاتتردد فى التسجيل
الخليج مول
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الخليج مول

الخليج مول سنتر
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  تطـــــور دور الدولـــة فـــــي النشــاط الاقتصادي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
medfox
Admin
Admin
medfox


عدد المساهمات : 2594
تاريخ التسجيل : 17/07/2011

 تطـــــور دور الدولـــة فـــــي النشــاط الاقتصادي Empty
مُساهمةموضوع: تطـــــور دور الدولـــة فـــــي النشــاط الاقتصادي    تطـــــور دور الدولـــة فـــــي النشــاط الاقتصادي I_icon_minitimeالسبت أبريل 27, 2013 4:38 am

دراســــــــــــة
تطـــــور دور الدولـــة فـــــي النشــاط الاقتصادي
دراسة بقلم‏:‏ الدكتورحازم الببلاوي
نائب رئيس الوزراء ووزير المالية
الحلقة الثانية ....
الدكتور
حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء ووزير المالية‏,‏ واحد من أفذاذ الوطن
ومن المصريين الغيورين علي بلدهم ويؤمن بضرورة الاهتمام بالمستقبل‏,‏
فالاهتمام به فرض عين علي كل صاحب فكر‏,‏ وهو من القليلين الذين يعرضون
وجهة نظرهم في أصعب الموضوعات الفكرية بسلاسة يحسد عليها‏,‏ ويؤمن بدور
الدولة الفاعل في الاقتصاد‏,‏ وفي هذه المقالة التي جاءت تحت عنوان تطور
الدولة في النشاط الاقتصادي التي سوف ننشرها علي حلقات‏,‏ يبين الي أي حد
اختلطت الأمور ولم تعد هناك مسلمات محسومة سلفا‏,‏ فتناول دور الدولة في
الاقتصاد من الموضوعات المثيرة للجدل خاصة في وقت يتربص كل اتجاه مذهبي
بالآخر‏.‏ ويري أن نظام السوق لا يمكن أن يكون دون دولة قوية‏,‏ ومن ثم
سنشهد إعادة تنظيم النشاط الاقتصادي بقواعد وأسس سليمة مع تقليص عدد
الأجهزة والموظفين لزيادة فاعلية الدولة‏.‏ وقد تناولنا في الحلقة السابقة
موضوع السلطة السياسية والدولة المعاصرة وأن الدولة المعاصرة هي الشكل
الحديث للسلطة السياسية في المجتمعات المعاصرة‏.‏ ورغم ان ظاهرة الدولة
المعاصرة كانت استجابة للتطورات التي حدثت بوجه خاص في القارة الأوروبية مع
تفكيك الإقطاع وقيام الثورة الصناعية فإنها قد نتقلت إلي خارج هذا
النطاق‏,‏ ورغم اختلاف نظم الدولة المعاصرة باختلاف الظروف فانه يمكن القول
بان هناك نموذجا نظريا يمثل الخطوط الرئيسية للدولة المعاصرة‏.‏ ثم تتطرق
الدراسة الي اهم خصائص الدولة بمعناها العام في السياسة والاقتصاد والاخلاق
وسيادة الدولة ووظائفها التقليدية ثم دور الدولة في المجال الاقتصادي
والذي يتمثل في توفير الخدمات الأساسية للمجتمع ووضع القواعد القانونية
المنظمة للنشاط الاقتصادي‏.‏ وفي هذا العدد نتناول كلا من النظام القضائي
لحماية الحقوق واحترام التعاقدات وفرض الضرائب والنقود وسياسات الاستقرار
الاقتصادي والثورة التكنولوجية وثورة المعلومات والثورة المالية‏.‏

---------------------

د ـ فرض الضرائب والاعباء العامة‏:‏
اذا
كانت الدولة المعاصرة تقوم بهذه الاعباء‏-‏ توفير الخدمات الاساسية‏,‏ وضع
اطار النشاط الاقتصادي‏,‏ ضمان احترام القواعد والحقوق‏-‏ فانها تحتاج
بالضرورة الي موارد مالية مناسبة لتمكينها من اداء هذا الدور وقد انتهي ذلك
العصر الذي كان يمكن فيه للحكام الاستيلاء علي الاموال او فرض السخرة او
استخدام العبيد في اداء كل جزء من هذه الخدمات فالدولة المعاصرة لا تستطيع
ان تحصل علي الموارد اللازمة بشرية او مادية دون ان تتوافر لها موارد مالية
كافية وهكذا فان فرض الضرائب يعتبر اهم مظاهر الدولة وقد عرفت سلطة فرض
الضرائب تطورا كبيرا نتيجة لتطور النظم الديمقراطية كما انها شاركت بدورها
هذا التطور‏,‏ ورغم ان الضرائب تمثل اعباء مفروضة جبرا علي الافراد من
سلطات الدولة فان المبدأ المستقر في معظم الدول هو ان الضرائب لا تفرض الا
بقانون وبالتالي بموافقة ممثلي الشعب في المجالس النيابية‏,‏ وقد كان هذا
المطلب في ذاته من اهم اسباب التطور
الديمقراطي‏NoTaxationwithoutreperesntaion‏ علي ان تطور اساليب المالية
العامة قد مكن الحكومات من فرض انواع الضرائب الضمنية في الاحوال التي تلجأ
فيها الي تمويل عجز الميزانية بالتضخم او بصفة عامة الاقراض من الجهاز
المصرفي وقد ادت الضغوط الشعبية علي الحكومات بزيادة تدخلها لاداء مزيد من
الخدمات فضلا عن اتجاه الادارة الحكومية بصفة عامة الي التوسع في
وظائفها‏,‏ في نفس الوقت الذي يصعب فيه فرض ضرائبة جديدة ادي كل ذلك الي
التجاء الحكومات الي فرض اعباء متزايدة علي الافراد باشكال ضمنية مثل
الاعتماد علي تمويل الموازنات بالعجز وعلي اي الاحوال فان الدولة بما تملكه
من سيادة تستطيع ان توفر لنفسها موارد مالية جبرا صراحة بالضرائب وغيرها
من الاعباء المالية او بأشكال ضمنية عن طريق التضخم والسيطرة علي النظام
النقدي‏.‏

هـ ـ إدارة النظام النقدي وتوجيه النشاط الاقتصادي‏:‏
واخيرا
فان الدولة تسيطر علي النظام النقدي وبما يمكنها من تحديد اطار الحساب
الاقتصادي داخل الدولة من ناحية والتأثير في توجيه النشاط الاقتصادي بصفة
عامة من ناحية اخري وقد كان الاصدار النقدي ومنذ التاريخ البعيد مظهر
السيادة فبعد ان بدأت المبادلات النقدية تحل محل عمليات المقايضة بدأت تظهر
النقود الصادرة عن الامير او الملك القرن السادس قبل الميلادي في ليديا في
المدن الاغريقية‏.‏ ورغم ان ظهور النقود كان سابقا علي سك النقود بمعرفة
الحكومات فقد ارتبط انتشار النقود بظهور النقود المسكوكة وارتبطت النقود في
الاذهان بفكرة الدولة وسيادتها‏.‏

وقد بدأ الامر بأن اضفي الملك او
الامير اسمه علي سك النقود ضمانا لقيمتها وجدواها لكنه لم يلبث ان وجد
فيها مصدرا للدخل‏.‏ ولذلك فقد بدأ الامر باقتطاع جزء من وزن السبائك
المسكوكة لحسابهم مقابل السك‏,‏ وبذلك توافر لهم مصدر جديد للدخل‏,‏ وهو
مايقابل التمويل بالتضخم في عصرنا‏,‏ وذلك باصدار كم نقود أكبر من قيمتها
الحقيقية‏.‏ ومع ذلك فلا ينبغي المبالغة في خطورة هذا الاجراء فقد تمتعت
النقود المعدنية بقدر كبير من الاستقرار بالمقارنة بالعملات الحديثة‏.‏

وتتحمل
الدولة مسئولية توفير الاستقرار في قيمة النقد فاذا كانت النقود هي أداة
الحساب الاقتصادي فينبغي أن تتمتع النقود بقدر معقول من الاستقرار‏,‏ ودونه
يفقد الافراد القدرة علي التنبؤ وتقدير المنافع والتكليف‏,‏ فلا يكفي
توفير الاستقرار القانوني والقدرة علي التنبؤ بالمراكز القانونية‏,‏ بل
لابد أن يصاحب ذلك توفير الاستقرار النقدي والقدرة علي التنبؤ بالمكاسب
والتكاليف الحقيقية‏.‏

ومع التطور أصبح اصدار العملة الوطنية أحد
مظاهر السيادة الحديثة للدولة‏,‏ وقد أدي وجود عملة وطنية يتم تداولها داخل
حدود الدولة الي أن اصبحت جميع المعاملات تتم عن طريقها‏,‏ وبما يعني أن
جميع عمليات الحساب الاقتصادي للوحدات الاقتصادية تتم استنادا الي هذه
الوحدة الوطنية للنقد وهكذا تقدم الدولة المعاصرة لمواطنيها اساسا يستندون
اليه في تقييم نشاطهم الاقتصادي حيث تتم المعاملات وبالتالي المقارنة بين
العائد والتكاليف بهذه الوحدة النقدية‏.‏

وتؤدي سيطرة الدولة علي
النظام النقدي الي التأثير في النشاط الاقتصادي من خلال الوحدات النقدية
المستخدمة في الحساب الاقتصادي‏.‏ كذلك فقد وجدت الدولة المعاصرة في
استخدام السياسات النقدية ـ وخاصة بعد ترك قاعدة الذهب ـ وسيلة فعالة
للتأثير في مستوي وتوجهات النشاط الاقتصادي‏,‏ عن طريق التغيير في الائتمان
وشروطه فضلا عن تمويل عجز الموازنات كما سبق أن أشرت‏.‏

ومن المفيد
هنا أن نؤكد أن هذا الدور الذي تقوم به الدولة المعاصرة استنادا الي حقها
في السيادة يتقيد بما تتقيد به السيادة نفسها وخاصة اقتصاره علي داخل
الحدود الاقليمية للدولة‏.‏ فما تقدمه الدولة من خدمات أو ما تضعه من قواعد
ونظم إنما يتوقف عند حدودها الاقليمية لايجاوزه‏,‏ ومن هنا تختلف قواعد
وظروف النشاط الاقتصادي من دولة الي أخري‏,‏ وبالمثل فإن حق القهر‏,‏ الذي
يمكن الدولة من فرض نظامها القضائي لحماية التعاقدات والحقوق يرتبط
باقليمها الوطني ولايجاوز ذلك‏.‏

ونفس الشيء بالنسبة للضرائب
والنقود‏,‏ وليس الأمر مرتبطا فقط بالاطار القانوني وانما ايضا بالاوضاع
الفعلية‏,‏ فقل أن يجاوز تأثير قواعد الدولة واجراءاتها حدودها الاقليمية
ونفس الشيء بالنسبة لضرائبها ونظمها النقدية‏,‏ فالوحدة القانونية التي
تمثلها الدولة يقابلها وحدة اقتصادية ينحصر داخلها التأثير الاقتصادي
لافعال الدولة ومع ذلك فسوف نري أن هذه الامور بدأت تتغير‏,‏ وبدأت تتضاءل
أهمية الحدود الاقليمية لتصبح في مواجهة اوضاع عالمية يتجاوز فيها التأثير
الاقتصادي لافعال الدولة حدود اقليمها الوطني‏.‏

هذه بشكل عام أهم
مجالات تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي استنادا الي سيادتها الاقليمية‏,‏
ومع ذلك فإن مدي هذا التدخل قد اختلفت في الزمان والمكان‏,‏ وخاصة فيها
يتعلق بدور الدولة في تقديم الخدمات الأساسية‏,‏ حيث اتجه هذا الدور إلي
التوسع بشكل مستمر حتي بات الاعتقاد بأن ثمة قانونا عاما لزيادة دور الدولة
في تقديم الخدمات الأساسية‏.‏ ومع ذلك فقد ظهر اتجاه عكسي مؤخرا ينبئ بأن
هذا الاتجاه ليس قاطعا علي ما سنري‏.‏ وقبل أن نتناول مظاهر الاختلافات في
دور الدولة من مكان إلي آخر‏,‏ فقد يكون من المناسب التعرض لأهم التطورات
الاقتصادية الإنتاجية‏.‏

‏5‏ ـ الثورة التكنولوجية‏,‏ ثورة المعلومات‏,‏ الثورة المالية
لا
يمكن مناقشة دور الدولة في المجال الاقتصادي دون إدراك ما يحدث علي ساحة
التطورات التكنولوجية وعلاقات الإنتاج في المجتمع الحديث وما ارتبط به من
تغيير في إمكانات الاتصال وانتقال المعلومات فضلا عما أدي إليه كل ذلك من
انعكاس علي العلاقات المالية وأشكال الثروة الحديثة ووسائل انتقالها‏.‏

ويمكن
بنوع من الإجمال القول بأنه خلال النصف الثاني من القرن العشرين وخاصة في
الربع الأخير منه عاش العالم عدة ثورات تكنولوجية متداخلة‏,‏ فإلي جانب
الثورة الصناعية الجديدة عرف العالم انقلابا أو ثورة في المعلومات
والاتصالات وقد ترتب عليهما معا ثورة مالية مقابلة غيرت من شكل الثروة
وطبيعتها‏.‏ وقد انعكس ذلك كله بالضرورة علي الدولة ودورها‏.‏ فزادت
إمكاناتها من ناحية في الوقت الذي زادت فيه بالمقابل الحدود والقيود
الواردة عليها من ناحية أخري‏.‏ وهكذا فقد بدت الدولة الحديثة أكثر قدرة‏,‏
تتمتع بإمكانات قل أن عرفتها الدولة في العصور السابقة‏,‏ ولكنها بدأت
تعرف حدودا علي سلطاتها أفقدتها الكثير من سيادتها‏.‏ وهكذا يبدأ القرن
الحادي والعشرون ونحن نتعايش مع ظروف جديدة تماما‏.‏ فبالرغم من حساب الزمن
ــ بالأشهر والسنوات ـ فقد بدأ القرن العشرون عمليا مع بداية الحرب
العالمية الأولي في عام‏1914‏ لينتهي بعد ثلاثة حروب عالمية ــ اثنتين
ساخنتين‏,‏ والثالثة باردة ــ في التسعينيات من هذا القرن‏.‏ فبعد مائتي
عام بالتمام والكمال منذ قيام الثورة الفرنسية‏1789‏ أسدل الستار علي القرن
العشرين بمشاكله وقضاياه مع سقوط جدار برلين عام‏1989‏ وإزالة الحواجز
المذهبية والأيديولوجية‏.‏ وقد بدأ القرن العشرون واستمر كساحة للصراع
الأيديولوجي ــ من شيوعية وفاشية ونازية ورأسمالية ــ وإذا به ينتهي بإزاحة
الأيديولوجيا وانتصار التكنولوجيا التي فرضت ــ بتوجهها العالمي وتجاهلها
للحدود والفروق ــ واقعا اقتصاديا جديدا أطلق عليه اسم العولمة وما ارتبط
به من ظهور المجتمع الصناعي الحديث‏.‏

وقد تناولت في دراسة سابقة
أهم خصائص المجتمع الصناعي الحديث‏(‏ انظر‏:‏ علي أبواب عصر جديد‏)‏ بما لا
محل معه لإعادة ترديد فيها هنا علي نحو مفصل وقد يكون من المفيد أن نتذكر
عند تعرضنا لأهم الخصائص أن التاريخ مستمر لا انقطاع فيه‏,‏ وأننا نستطيع
أن نجد بذور هذا المجتمع الحديث منذ وقت طويل‏.‏ وكذلك فإن ما نتصور أنه
المجتمع الحديث فإنه يحمل آثارا وبقايا كثيرة من مخلفات الماضي بدرجات
متفاوتة‏.‏ وبالمثل فإن الحديث عن عالمية الاقتصاد والتكنولوجيات إنما هو
حديث عن اتجاه مما هو حديث عن واقع‏.‏ فلاتزال غالبية سكان العالم يعيشون
في دول تنتمي إلي الماضي أكثر مما تعيش في الحاضر‏.‏

ولعل أهم ما
يميز المجتمع الصناعي عن المجتمعات السابقة هو التغيير المستمر في وسائل
الإنتاج وما يترتب علي ذلك من تغير مستمر في الأذواق وفي الكفاية الفنية
لعناصر الإنتاج إلخ‏..‏

فالمجتمعات السابقة كان يسودها نوع من
الثبات والاستقرار النسبي بحيث إن العادة والروتين كانا ينظمان كل شئون
الإنتاج والتوزيع‏.‏ الزراعة والري والصيد تكاد تخضع لناموس الطبيعة من حيث
الدورة الزراعية ومواسم الصيد مما أدي إلي تكوين مجموعة من العادات
الثابتة الموروثة بهذه النشاطات‏.‏ وتتأكد هذه العادات وتنتقل من جيل إلي
آخر دون تغير يذكر‏.‏ ويكاد يحكم الفرد في مثل هذه الظروف مجموعة من ردود
الفعل المشروطة‏.‏ فلا حاجة هناك إلي التفكير المستمر لمواجهة أحداث جديدة
وإنما لكل حدث طريقة لمواجهته‏.‏ وهي طريقة أثبت كفايتها خلال أجيال
متعاقبة‏.‏ وفي مثل هذه الظروف لا نكون بحاجة إلي الحساب الاقتصادي
والتخطيط والتنبؤ‏.‏ فالعادات والتقاليد كفيلة بذلك‏.‏ وليست الحال كذلك في
المجتمع الصناعي‏.‏

وإذا كان التغيير أهم مايميز المجتمعات
الصناعية‏,‏ فإنه يرتبط بشكل رئيسي بالاستثمار وتراكم رأس المال‏.‏
فالمجتمعات الصناعية هي مجتمعات تقدمية بمعني أنها تنظر إلي المستقبل
بالعمل علي زيادة فرصها في المستقبل عن طريق الاستثمار وهكذا فإن الحساب
الاقتصادي يقتضي دائما الموازنة بين الحاضر والمستقبل‏,‏ الأمر الذي جعل
الائتمان والتمويل بشكل عام من أهم خصائص هذا المجتمع‏.‏ وليس المقصود بذلك
هو أن المجتمعات السابقة كانت راكدة تماما وأنها لم تعرف التغيير فالحقيقة
أن التغيير هو سنة الحياة‏.‏ المقصود هو التأكيد علي أن التغيير كان يتم
في المجتمعات السابقة ببطء شديد وبشكل تدريجي بحيث كانت قواعد العادات
والتقاليد والعرف السائدة كافية لتنظيم العلاقات الأساسية في المجتمع‏.‏
أما مع ظهور الصناعة الحديثة‏,‏ فقد أصبح معدل التغيير سريعا‏,‏ وبالتالي
تعددت الوقائع المتجددة وغير المتوقعة التي تحتاج لمواجهتها إلي التغيير
المستمر في أساليب العمل‏,‏ وبالتالي أصبح القرار الاقتصادي وضرورة
الموازنة بين التكاليف والعوائد المتوقعة من طبيعة المجتمع الصناعي
الجديد‏.‏ فالحساب الاقتصادي الذي كان يتم بشكل غير واع بما تفرضه حكمة
السنين من خلال العادات والتقاليد‏,‏ قد أصبح قرارا واعيا خاضعا لقواعد
الرشادة الاقتصادية للاختيار والتنبؤ عن الإمكانات المتاحة‏.‏

وقد
ارتبط هذا التطور بتأكيد واستقرار التخصص واقتصاد التبادل‏.‏ ويري بعض
الاقتصاديين أن التاريخ الاقتصادي كله يمكن فهمه من خلال استعراض مقتضيات
التوسع في اقتصاديات المبادلات‏,‏ الأمر الذي تحقق بشكل كبير في المجتمع
الصناعي الحديث‏.‏ ويهمنا هنا أن نشير إلي أن كفاية وقدرة الأفراد
والمشروعات علي التخصص والتبادل تتوقفان إلي حد بعيد علي مدي القدرة علي
القيام بالحساب الاقتصادي السليم‏.‏

ومن هنا فإن توفير الشروط
والأوضاع المناسبة لإجراء هذا الحساب الاقتصادي يعتبر أمرا ضروريا لتقدم
المجتمعات‏.‏ وينبغي لإمكان إجراء هذا الحساب الاقتصادي أن تتوافر مجموعة
من الشروط الأساسية سواء من حيث توافر جو من الاستقرار في الإطار العام
للنشاط الاقتصادي‏,‏ أو من حيث وجود وحدات حساب مستقرة يتم علي أساسها
تقدير التكاليف والعوائد‏,‏ أو من حيث استقرار العلاقات القانونية واحترام
العقود والتعهدات‏.‏

ولذلك فقد أصبحت قضايا استقرار النظام النقدي
والقانوني من أهم محدات الحساب الاقتصادي‏.‏ فما لم تتوافر وحدة نقد مستقرة
فإن كل حساب اقتصادي لابد أن ينهار‏.‏ فالنقود ــ وهي تمثل وحدة الحساب ــ
لابد أن تتوافر بكميات وبظروف تسهل الحساب الاقتصادي علي مختلف الوحدات
الاقتصادية‏.‏ ويمكن أن ننظر إلي النقود باعتبارها أفضل وسيلة لنقل
المعلومات عن التكاليف والعوائد السائدة في الاقتصاد‏.‏ وبقدر ما يتاح لهذه
النقود من مجال للاستخدام بقدر ما يتاح لها أن تنقل معلومات عن هذا
المجال‏.‏ فالنقود المتداولة في إقليم أو منطقة معينة تعطي صورة عن القيم
الاقتصادية في هذا الإقليم أو تلك المنطقة‏.‏ وقل نفس الشيء عن النقود
الوطنية أو الدولية فمجال استخدام النقود يحدد في نفس الوقت أفق النشاط
الاقتصادي‏.‏ ويتسع هذا الأفق باتساع مجال أو نطاق استخدام النقود‏.‏

وينبغي
أن تتمتع النقود ــ حتي تقوم بهذا الدور ــ بقدر معقول من الاستقرار في
قيمتها الشرائية حتي تصبح مقياسا للقيم وبالتالي مؤشرا عن الأوضاع
الاقتصادية‏.‏ ومع ظهور الدولة المعاصرة وسيطرتها علي النظام النقدي
الوطني‏,‏ فقد وفرت الظروف المناسبة لإمكان إجراء الحساب الاقتصادي بقدر ما
نجحت في توفير الاستقرار النقدي‏,‏ وفي نفس الوقت فإنها نظرا لاقتصار
دورها النقدي علي حدودها الإقليمية فقد حددت مجال القرارات الاقتصادية بصفة
عامة في هذه الحدود أيضا حقا لقد قامت عدة عملات بدور دولي خارج حدودها
الوطنية‏,‏ كما هي الحال بالنسبة للإسترليني خلال القرن التاسع عشر‏,‏ أو
الدولار في النصف الثاني من القرن العشرين‏,‏ ولكن هذه الحالات مع قاعدة
الذهب مثلت أحوالا خاصة ارتبطت بظروف التجارة الدولية أكثر مما تعلقت
بطبيعة النشاط الاقتصادي داخل كل دولة‏.‏ وسوف نشير ــ فيما بعد ــ إلي أن
هذا التطور قد بلغ من الأهمية بما يمثل اتجاها متزايدا في الفترات الأخيرة
وبحيث بدأ يؤثر علي النشاط الاقتصادي المحلي في مختلف الدول‏.‏ وباستثناء
هذه الأحوال الخاصة فقد ظلت الدولة حريصة علي استقلالها النقدي‏,‏ وبالتالي
تحديد آفاق النشاط الاقتصادي داخل حدودها‏.‏ ولم يقتصر الأمر علي إصدار
النقود وحماية مستوي الأسعار بل ارتبط ذلك أيضا بظروف الائتمان والاستثمار
وبصفة عامة الأوضاع القانونية لمباشرة النشاط الاقتصادي‏,‏ وهي أمور تسيطر
عليها أجهزة الدولة المعاصرة‏.‏

والدولة وهي تسيطر علي أوضاع النظام
النقدي والمؤسسات المالية‏,‏ وتفرض النظام القانوني للمعاملات وتضع
القواعد لحماية العقود والحقوق‏,‏ فإنها تضع في نفس الوقت الإطار الإقليمي
للقرارات الاقتصادية‏.‏ فالفرد أو المشروع عندما يتخذ قرارا في حسابه
الاقتصادي فإنه يرتبط بالضرورة بحجم المعلومات المتاحة له من ناحية
وبالحدود التي تسمح له بإجراء هذا الحساب من مؤشرات مستقرة من ناحية
أخري‏,‏ وهي أمور كرستها الدولة المعاصرة داخل حدودها الإقليمية‏.‏ وهكذا
تساعد الدولة المعاصرة علي أن يرتبط النشاط الاقتصادي بصفة أساسية بنطاق
الإقليم الذي تمارس فيه الدولة سيادتها‏,‏ وبالتالي حققت الدولة المعاصرة
الاندماج الاقتصادي داخل حدودها وزيادة تطور حجم التبادل والتخصص في هذا
الإطار‏.‏ ولعلنا نلاحظ الان تطورا جديدا للعلاقات الاقتصادية علي
الحدود‏.‏

ورغم هذا الإطار الإقليمي للنشاط الاقتصادي‏,‏ فقد أدي
بالمجتمع الصناعي إلي ارتفاع التوسع في فتح الأسواق البعيدة‏,‏ ومن ثم
ازدهرت التجارة الدولية بأكثر مما عرفته في أي وقت مضي‏,‏ بل وأصبحت
التجارة الخارجية الدافع الرئيسي للنمو في الدول الصناعية‏.‏

ولم
يكن مستغربا أن الدول التي قادت التطور الصناعي هي نفسها الدول التي لعبت
أدوارا هامة في الصادرات الصناعية‏,‏ وتمثل إنجلترا في القرن الماضي‏,‏
وألمانيا منذ نهاية القرن الماضي ثم اليابان في السنوات الأخيرة أكبر مؤشر
علي ذلك‏.‏

وسوف نري ــ فيما بعد ــ أن نمو التجارة الخارجية وإن
مثلت خروجا علي فكرة الإقليمية في نشاط الدولة فإنها قد بدأت تتجه لكي تصبح
الأصل في النشاط الاقتصادي وليس مجرد استثناء‏.‏ وبالمثل فإن الاقتصاد قد
بدأ يتحول من اقتصاد وطني قائم علي وجود الدولة وعلاقات تجارية بين الدول
إلي نوع من الاقتصاد العالمي الأكثر اندماجا وليس مجرد علاقات اقتصادية بين
الدول‏.‏ وسوف نشير إلي أن هذا التطور لم يلبث أن ترك بصماته علي شكل
الدولة ودورها‏*‏

منقول من الاهرام الاقتصادى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تطـــــور دور الدولـــة فـــــي النشــاط الاقتصادي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» النظام الاقتصادي بعد الثورة المصرية
» مفهوم النمو الاقتصادي ومقوّماته
» النظرية الاقتصادية ومنهجية التحليل الاقتصادي .

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخليج مول :: منتــدى العلـــوم التجاريـــة و التسويــق والارشاد :: دليلك الاليكترونى-
انتقل الى: